بسم الله، والصلاة والسلام علي رسول الله
أصحاب المعالي والسعادة، السيدات والسادة،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،

يطيب لي بدايةً أن أتقدم بالتهنئة لسعادة المهندس ماجد بن مسمار، لانتخابه رئيساً لهذا المؤتمر، متمنياً له ولنوابه الاستمرار في قيادة مسيرة النجاح وتعزيزها. كما أتقدم بالشكر الجزيل لدولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة لاستضافتها الكريمة لهذا المؤتمر، سائلاً المولى عز وجل أن يديم عليها وعلينا جميعاً الأمن والازدهار.

السيد الرئيس، السيدات والسادة

  قد غيرت التقنية مفاهيم العالم، وقَلَبَت أسس التقدم، وخلقت مفهوماً جديداً للتنافسية الدولية لا يعتمد على الموارد الطبيعية، ولا على مدى الثروة فيها، بل يستقي طاقته من موارد العقول، والطاقات الخلاقة.

السيد الرئيس، السيدات والسادة

إِن الثورة الصناعية الرابعة التي نشهدها اليوم ستكون أَعظمَ مُضاعِفٍ اقتصاديٍ، وأكبر مكافئٍ اجتماعيٍ؛ وستعتمدُ في ذلك على الوقود الجديد المعروف بالبيانات، والمحرك الجديد المتمثل بالشباب والريادة. ومن خلال رؤية المملكة (2030) فقد فتحت المملكة أبواب المستقبل لمواطنيها، وهيّأت بيئةَ الريادة والابتكار. ولعل أبرزَ ما سيدعم الخطط والرؤى الجديدة للمملكة أنها ضِمْنَ أَكْبرِ (20) اقتصاد في العالم، وتحتل المرتبة العالمية الثانية عشر في أسواق الاتصالات وأكبر سُوقٍ للاتصالات وتقنية المعلومات في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحجم إنفاق بلغ (36) مليار دولار في العام 2017م. علاوة على أَنها قلب العالم العربي والإسلامي.

ومن هذهِ القوى النسبية انطلقنا في رحلة القفزات النوعية والقوى التنافسية. ففي عام ٢٠١٧ تجاوزنا المليون منزل بالألياف البصرية وفي عامنا هذا تجاوزنا المليونين وطموحنا الوصول إلى اكثر من ٣.٥ مليون منزل ومدرسة ومركز صحي بحلول عام ٢٠٢٠ كي نؤسس للمجتمعات الذكية والمتصلة. اليوم ٥٠٪ من زياراتك للطبيب بإمكانك إجراءَها من هاتفك الذكي وتجديد جوازك في ٥ دقائق وممارسة الأعمال في يوم واحد ولا فرق بين الفصول في المدن والقرى فَجَمِيعُهَا ذكية. كما تم تحرير المزيد من الطيف الترددي لتمكين الجيل الخامس، وتم إجراء أولُ تجربةٍ له على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. كل هذه الجهود ساهمت في زيادة سرعة الإنترنت المتنقل في المملكة خلالَ عام واحد بأكثرِ من ثلاثة أضعاف، متخطين بذلك المعدل العالمي. وللمرأة في المملكة حضوراً مؤثراً في كافة المجالات، فهدفنا زيادة مساهمة المرأة في سوق العمل من 22% إلى 30% بحلول عام 2030م مما سيسهم في زيادة بنسبة 3% من الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي.

السيد الرئيس، السيدات والسادة

إيماناً من المملكة العربية السعودية بالجهود الجبارة التي يقدمها الاتحاد الدولي للاتصالات، ودورهُ المحوري في صياغة السياسات العامة الدولية للاتصالات وتقنية المعلومات وتَنمِيَتْهَا، فإنها تعلن عن تثبيت مُسَاهَمَتِهَا المالية في ميزانية الاتحاد عندَ ثلاثة عشر وحدة، لتبقى ضمن قائمة أكبر الداعمين الماليين للاتحاد. كما أن المملكة العربية السعودية تُعلن عن تقديم دَعْمٍ مَالِيٍّ إِضَافِيّ بمبلغ (420) ألف فرنك سويسري لتحفيز مشاركة الدول النامية في أعمال الاتحاد، ومساندة جهودها للتحول الرقمي، وكل ذلك يأتي تفعيلاً لعضوية المملكة العربية السعودية في الاتحاد الدولي للاتصالات منذ العام 1949م، وعُضْويَتِهَا في مجلسه الموقر منذ العام 1965م. كما تأتي هذه المساهمات متسقة مع جهود بلادي على صعيد المساعدات الإنسانية والتنموية والبالغ حجم إنفاقها 3.7 % من الناتج المحلي السعودي، متجاوزةً بذلك النسبة المقترحة من الأمم المتحدة، وهي 0.7 %.

السيد الرئيس.. السيدات والسادة:

مما لا شك فيه أن اعتمادنا الكبير على الفضاء السيبراني وفر العديد من الفوائد والحلول الرقمية الخلاقة؛ إلا أن ذلك يصاحبه العديد من التحديات والمخاطر حيث باتت خصوصية وسرّية المعلومات وأمن وحماية الشبكات هاجساً يؤرق جميعَ أصحاب المصلحة. إن النظام الدولي قائم منذ قرون على مبدأ احترام سيادة الدول، كما أن الالتزام بالأعراف والقوانين الدوليةِ أمر بالغ الأهمية، وبما أن الإنترنت أصبح منصة دولية لا يقتصر استخدامها داخل حدود دولة ما أو نطاق جغرافي معين، وأن المملكة وغيرها من الدول المتقدمة والنامية تضررت بشكل مباشر وغير مباشر من استغلال الفضاء السيبراني لأغراض غير سلمية؛ فالذي يتطلع له العالم هو إدارة الإنترنت وفقاً لقانون دولي يتم فيه احترام جميع قوانين وأنظمة الدول، ويضمنُ حماية الاستثمارات التي يتم ضَخها من قبل الحكومات من أجل التحول الرقمي. كما يتطلع العالم إلى وجود قانون دولي يتم بمُوجِبِهِ إزالة أي مخاوف تهدد أمن الشبكات والاستثمار فيها، ويتم بمُوجِبِهِ تجريم الهجمات الإلكترونية، ويضمن أن يكون الفضاء السيبراني أكثر أماناً واستقراراً، ونتطلع إلى أن يقوم الاتحاد الدولي للاتصالات بصفته وكالة الأمم المتحدة المتخصصة في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بدور قيادي في هذا الشأن.

السيد الرئيس، السيدات والسادة

قبل الختام، أؤكد أن بلادي - المملكة العربية السعودية - عَازِمَةٌ على مواصلةِ جهودها لدعم الاتحاد وأنشطتهِ عبر إعادة تَرشُّيحها لعضوية مجلس الاتحاد، وعضوية لجنة لوائح الراديو. كما أؤكد أن المملكة مستمرةً في دعم تنفيذ نتائج القمة العالمية لمجتمع المعلومات، إيماناً منها بالأهمية البالغة لمخرجاتها وإسهامها الفاعل في تحقيق أهداف التنمية المستدامة.

أرجو من الله تعالى أن تكون أعمال مؤتمرنا هذا نقطة تحول لما فيه الخير لشعوب العالم كافة.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،